لساعات طويلة ظللت ابحث عن عنوان لمقالتي هذه عن الشهيد عارف الزوكا ، جربت الكثير من الكلمات والأوصاف ، وضعت أمامي كوب شاي وارتشفت مرات ومرات على أمل ان اهتدي إلى وصف يمكن له ان ينصف الرجل فلم أجد.
كنت في مكتبي منذ الصباح بصحيفة "عدن الغد" اكتب سطر وامحوه ومع المساء قررت ان اكتب قبل ان يتملكني الفشل.
حارت الفكرة وتاهت وانساح الحبر هنا وهناك معلنا حالة تمرد غريبة وعجيبة وصاحت كل حواسي معلنة ان إي وصف للشهيد عارف الزوكا لن يفيه حقه .
سألت الحواس :" وما الحل؟
قال لي قلبي وانا استحضر صورة الرجل وذكرياته :" لن يفي عارف مقالا إلا بأسمه هكذا (عارف الزوكا) ووحده الاسم في تاريخ اليمن كان وسيظل نبراسا عظيما سيضرب اليمنيون المثل به لألف عاما قادمة عن كل المُثل العظيمة والجليلة .
عن عارف الزوكا ورجولته وتضحياته سيكتب التاريخ فصلا جديدا، عن وفاء الرجال للرجال ووفاء العهود للعهود والتقاء الأيادي ورفضها الفكاك عن بعضها وسيسمونه "وفاء عارف الزوكا".
عن الرفيق الذي يمضي معك والى جانبك لايؤمن إلا بالله وبك، اختارك دون الناس وضحى لأجلك وكان ذلك هو "عارف الزوكا" وذاك الرئيس صالح ، قصة رجلين من اليمن تعاهدا على الوفاء واستشهدا عليه ..
رغم طول التاريخ وأحداثه إلا انه نادرا ما منحنا قصص نادرة عن وفاء الرجال لبعضهم البعض وإخلاصهم وتضحياتهم ، امتلئت كتب التاريخ بالكثير من الخيبات والطعنات الغادرة والبيعة الأخيرة لكن أوراق الوفاء قليلة وفي التاريخ اليمني سيكتب المؤرخون عن وفاء عارف الزوكاء للرفاق والإخوة والعهود والمواثيق وستزخر كتب التاريخ حتى أخرها عن عظمة الوفاء هذه ولن تفيه حقه .
هل جربت ان تموت واقفا ؟
كالشجر حتى وأنت ميت يحسبك الناس واقفا، كان هكذا عارف الزوكا ظل حياته كلها واقفا لم ينحني قط حتى لحظة استشهاده والى هذه اللحظة لايزال واقفا ، سقط قاتلوه وسقط كل مناوئوه وسقط مخونوه ، ولايزال هو واقفا شامخا ..
في اليمن سيحكي التاريخ عن رجل من الشمال اسمه علي عبدالله صالح وآخر من الجنوب اسمه عارف الزوكا التقيا يوم الـ22 من يوم 1990 ولم يفترقا قط ،صالح القادم من ريف الشمال وبساطته وعارف القادم من قلب الجنوب وشهامته وروحه "شبوة العظيمة" حيث يصنع الرجال على قارعة الطرقات وتلد النساء اطفال بشنبات، ويفرك الطفل شاربه ويقول لك معاهدا :" كلام بدو..
(شبوة) التي تناطح الكون عزة وافتخارا وعظمة ، مال الناس فيها رجالهم ومال الرجال كلمتهم ..
كنت في مكتبي منذ الصباح بصحيفة "عدن الغد" اكتب سطر وامحوه ومع المساء قررت ان اكتب قبل ان يتملكني الفشل.
حارت الفكرة وتاهت وانساح الحبر هنا وهناك معلنا حالة تمرد غريبة وعجيبة وصاحت كل حواسي معلنة ان إي وصف للشهيد عارف الزوكا لن يفيه حقه .
سألت الحواس :" وما الحل؟
قال لي قلبي وانا استحضر صورة الرجل وذكرياته :" لن يفي عارف مقالا إلا بأسمه هكذا (عارف الزوكا) ووحده الاسم في تاريخ اليمن كان وسيظل نبراسا عظيما سيضرب اليمنيون المثل به لألف عاما قادمة عن كل المُثل العظيمة والجليلة .
عن عارف الزوكا ورجولته وتضحياته سيكتب التاريخ فصلا جديدا، عن وفاء الرجال للرجال ووفاء العهود للعهود والتقاء الأيادي ورفضها الفكاك عن بعضها وسيسمونه "وفاء عارف الزوكا".
عن الرفيق الذي يمضي معك والى جانبك لايؤمن إلا بالله وبك، اختارك دون الناس وضحى لأجلك وكان ذلك هو "عارف الزوكا" وذاك الرئيس صالح ، قصة رجلين من اليمن تعاهدا على الوفاء واستشهدا عليه ..
رغم طول التاريخ وأحداثه إلا انه نادرا ما منحنا قصص نادرة عن وفاء الرجال لبعضهم البعض وإخلاصهم وتضحياتهم ، امتلئت كتب التاريخ بالكثير من الخيبات والطعنات الغادرة والبيعة الأخيرة لكن أوراق الوفاء قليلة وفي التاريخ اليمني سيكتب المؤرخون عن وفاء عارف الزوكاء للرفاق والإخوة والعهود والمواثيق وستزخر كتب التاريخ حتى أخرها عن عظمة الوفاء هذه ولن تفيه حقه .
هل جربت ان تموت واقفا ؟
كالشجر حتى وأنت ميت يحسبك الناس واقفا، كان هكذا عارف الزوكا ظل حياته كلها واقفا لم ينحني قط حتى لحظة استشهاده والى هذه اللحظة لايزال واقفا ، سقط قاتلوه وسقط كل مناوئوه وسقط مخونوه ، ولايزال هو واقفا شامخا ..
في اليمن سيحكي التاريخ عن رجل من الشمال اسمه علي عبدالله صالح وآخر من الجنوب اسمه عارف الزوكا التقيا يوم الـ22 من يوم 1990 ولم يفترقا قط ،صالح القادم من ريف الشمال وبساطته وعارف القادم من قلب الجنوب وشهامته وروحه "شبوة العظيمة" حيث يصنع الرجال على قارعة الطرقات وتلد النساء اطفال بشنبات، ويفرك الطفل شاربه ويقول لك معاهدا :" كلام بدو..
(شبوة) التي تناطح الكون عزة وافتخارا وعظمة ، مال الناس فيها رجالهم ومال الرجال كلمتهم ..
وعاش "الزوكا" قريبا من صالح مثل الآلاف ممن عاهدوا صالح على الوفاء فخانوا ومثل الآلاف ممن أعلنوا إيمانهم بصالح وكفروا ممن خلت بهم الطرقات في أول منعطف ..
ومرت السنوات حتى جأت رياح خريف 2011 ، هزت الرياح دولة صالح فتساقط الآلاف من الرجال من حوله ..
يا الله ما افجع ان يفر الآلاف من حولك وأنت وسط ميدان المعركة شاهرا سيفك فتكتشف بين ليلة وضحاها ان كثيرك قليل، وان مظاهر قوتك ضعف، وان الأيادي التي حولك خاوية حد الفجيعة.
كان المشهد يشبه مشهد سفينة التايتنك الغارقة والناس تهرع للنجدة بنفسها ، لا احد يعرف حبيب ولا رفيق إلا نفسه.
(نفسي نفسي) كان هو شعار اللحظة وديدنها العظيم ..
امتلئت ساحات التغيير في صنعاء وغيرها من المناطق بالمئات من اللصوص والمرتزقة والنهابة وهم يعتلون المنصات ليتحدثوا عن الشرف والفضيلة .
التفت صالح و رأى بأم عينه والبلاد تنهار تحت طرقات مخربيها ومعاولهم ومع كل معول كان المئات من الرجال يخذلونه ويهربون ..
وهرب الكثير الكثير إلا "عارف الزوكا" وقلة من الرجال الذين التفوا حول صالح وهو لاحول له ولا قوة ، لم يعد صالح ذو مال ولاجاه ولا سلطان ، نزعوا أنيابه ومخالبه وحاولوا اغتياله ومافلحوا ..
طويت صفحة صالح وعهده وقفز أشباه الرجال من مركبه وصعدوا مركب الثورة المزعومة وبقي ثلة من الرجال يبتسمون في وجه صالح كان الزوكا واحدا منهم .
التفت صالح إلى ماتبقى من رجاله وقال :" وانتم لماذا لاتهربون ؟ لم يتبق لدى شيء لا جاه لا سلطان لا مال ولا شي ..فلما البقاء؟ .
لم يكن لدى صالح شيء يمكن له ان يمنحه لمن تبق من الرجال حوله ..
ولم يكن لديهم شيء يمكن لهم ان يمنحوه إياه إلا الوفاء ثم الوفاء ..
كان وفاء الرجال للرجال، الإيمان بان رجل ما يمثل لك الكثير وكان عارف الزوكا احدهم ، لم يخذل صالح قط ولم يخنه ولم يفكر للحظة واحدة بذلك.
عظمة الأشياء في الحياة ان يؤمن الرفاق ببعضهم البعض وان يسيروا في طريق طويلة طويلة لايفرقهم فيها إلا الموت كان ذلك هو عهد "الزوكا" لصالح..
سيكتب التاريخ عن وفاء الزوكاء الكثير الكثير وسيشار بالبنان إلى عظمة التضحية وندرتها ،ستقول الأمهات لأبنائهن فيما هو قادم من السنين :" أحبني محبة الزوكا لصالح وسيقول القائد للجند لاتخذلوني وكونوا مثل عارف ..
"وعارف" القادم من الجنوب كان وحدويا مؤتمريا ماتغير قط ولا تبدل ظلت له مبادئه وقيمه السياسية لم يغيرها أبدا ولم يفكر حتى بذلك.
وعلى خلاف قيادات جنوبية كثيرة لم يفكر قط "الزوكا" بالمتاجرة بقضية الجنوب مثلما فعلت قيادات كثيرة :" قالها لهم واضحة انا أحب اليمن الكبير وسأموت لأجله ومات الرجل بما يؤمن ليكتشف الجنوبيون بعد سنوات طويلة زيف قيادات كثيرة باتت تٌركل في مؤخراتها بما تيسر من مال مدنس، باعت القضية وخانت الدماء وداست على كل شيء..
ولو ان في الحراك الجنوبي رجال كعارف لكان تحقق الكثير الكثير .. لكن الاقدار شأت ان يكون الرجل وحدويا من كل اليمن ..
ظل "الزوكا" إلى جانب صالح سنوات مابعد 2011 بمنزله في صنعاء لايملك من المال إلا مايسيّر به حياته على كثرتها.
يحكي لي رجل من شبوة انه زار "الزوكا" قبل عام من مقتله فوجد بيئته مملئوا عن أخره بقادمين من كل المحافظات ممن تقطعت بهم السبل وحينما جاء موعد موعد الغذاء قدموا لهم القليل من الأرز والدجاج والخجل يكسو وجوه افراد اسرته.
يقول الرجل طول طريقي إلى شبوة :" ظللت اسأل نفسي ما الذي يدفع الزوكا للبقاء في صنعاء على هذا الحال البائس ..؟
يصمت قليلا ويقول :" في الليلة التي استشهد فيها عارف أدركت مايبقيه في صنعاء .. انه الوفاء ولا شيء غيره وكلمة الرجال للرجال ..
الرجال حينما تحبل من السنتها وعارف قالها كلمة ولن تسقط ..
وظل "الزوكا" الى جانب صالح حتى مساء الـ 3 من ديسمبر 2017 حينما نالت منهم رصاصات الغدر الجبانة.
انسكبت الدماء الجنوبية والشمالية على ارض صنعاء واختلطت، قبض عارف بيده على يد رفيقه وابتسم ..
وردد كلماته الاخيرة :" اخبرتك انني لن اخذلك ثق بهذا..
وبالجوار طافت رياح باردة انحاء ساحة التغيير الخالية من كل شيء تسأل العابرين هنا قبل سنوات والواقفين هنا وهناك المتحدثين عن اليمن الجديد وفي البال سؤال وفي الحلق غصة :" اين انتم ايها الجبناء؟
اين انتم ايها الهاربون عن الوطن؟ ، المتدثرون برداء الضعف والهوان. اين هي وعودكم بفداء اليمن واهلها؟ اين واين واين؟
وعبر هواتفهم النقالة تابع العشرات من الانذال مايحدث في صنعاء من عواصم مختلفة ، باعوا البلد وفروا وخربوها وجبنوا..
وارتوت ارض صنعاء بدماء صالح والزوكا معلنة ومؤكدة ان عهد جديد بدأ ومعه ستشرق شمس يوما جديد لامحالة.
الكتابة عن تضحية عارف الزوكا ووفائه صعبة للغاية ، تحتاج الكثير من مشاعر الام الصادقة والمحبون للاوطان والمؤمنون بالرسل في مهدهم والمتقون لله ..
الكتابة عن تضحية الرفاق الذين لايخونون في زمن الخيانة امر بالغ الصعوبة وجلل.
هذا هو "عارف الزوكا" الرجل الذي امن بالرجال فما باع ولا خان و لاقبض الثمن وامن ان اليمن اكبر من الجميع ..
في ختام مقالي هذا اعترف انني ابكي وان ادمعي تحجب عني رؤية ماتبقى من احرف لهذا المقال..
انا ابكي هذه اللحظة واقسم بالله انني لا ابكي صالح ولا عارف ولكنني ابكي وطني، ابكي باب بيتي الذي لايمنحني امانا ، ابكي وطنا باعه الانذال في ساحات الردى .. ابكي ملايين المغتربين ،ابكي الواقفين على حواجز المطارات حول العالم من اليمنيين ابكي اليمن الكبيرة التي نتمنى لها ان تعود..
واتمنى ذلك..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق